الاثنين، 19 نوفمبر 2018

الفضائل كلها تشير إلى العباس

لأنّه حين زارني للمرّة الأولى قدّم لي نفسه بأنّه المثاليّ الكامل، هذا ما أفشل الفخاخ الاعتياديّة في اصطيادي. المحاولات الذكوريّة الساذجة للفت انتباه الإناث ما كانت تعمل معي، دائما تعلّق نظري بالكاملين الناضجين، أو من نجحوا في أن يبدوا كذلك.

خلافا للمعتاد لا أملك معيارا شخصيّا لتقدير الآخرين، لذلك أعرف أنّي أبدو جاحدة وعديمة الوفاء، لا تتعب نفسك في إسداء المعروف لي، اجعلني أقدّرك تملكني.

قبوله أخذ كوب الشاي الذي سكبته أخته لنفسها بلا سخاء حقيقيّ منها في تقديمه له، الاستدانة من زبائنه ومماطلتهم، استمتاعه بقضاء الأوقات بعيدا عن عائلته، ويسألني ماذا فعلت بك لأستحقّ رفضك!؟

أما الناقصون وعديمو المروءة فلم أحبّهم، وأما الكاملون فآذوني، عبادة الأصنام كانت خطيئتي والخذلان كان نصيبي.

الخيبات تمارين، طريقة الغيب في حذف الإجابات الخاطئة، وتقريبك من الجواب الصحيح.

وكما تخيّرت التفاحة إسحاقها، وقع إلهامه بقلبي، منحني الإجابة وغاب في خلوده. مذ ذاك وأنا أترقّب مواسمه، أقصّ أثره، أجمع ما يتناثر منه، وأشكّل لوحتي الأخيرة. طهّرني من رجس الإجابات الخاطئة وألهمني أجوبته.

 سألني عن معنى الحياء؟ قلت إنّه حالة انكسار تتبع تصرّفنا بحماقة.

صحح لي وقال إنّ الحياء هو أن تتوقّع منك (المرأة) شيئا وتخذلها.

وعمّا هو أقسى من الموت أجاب: أن تفقد (المرأة) بموتك عزّها.

صارت صفاته عندي هي المعيار، وصار جمعها شغفي. بعد أن أكملت لوحتي وجدت أنّ الفضائل كلّها تشير إلى العباس.

قلت للمرأة: لكنّك أكبر منه!

قالت: لا تحتاج المرأة رجلا أكبر منها، تحتاج رجلا يتّسع لها، يتّسع لخوفها لقلقها وتعبها.

قلت: حتى الدواب تحمل الأثقال.

قالت: لكن المرأة لا تسند رأسها على كتف دابة.

طرت بمعياري الجديد وطفت أقيس به رجولاتهم فتهاوت. لهذا يوم فتح مكّة هو يوم النصر الأكبر، لا مجد يضاهي يوما تتحطّم فيه الأصنام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق