الأحد، 9 أغسطس 2020

كالشيء وظّله




مثلُ الشيءِ وظلّه؛ اللامبالاة التي يلاحظها الجميعُ يلازمها ظلُّ اهتمامٍ لا يلاحظه أحدٌ. 


مثلُ الزاويةِ وظلّها؛ كلّما اتّسعَ النفورُ يتّسعُ معه بالمقدار نفسِه ظلُّ الهوَس.


مثلُ الشاخصِ وظلّه؛ يتمادى الولعُ حتّى يقزّمُ موضوعَه، كما يهزأ طولُ ظلّك بقامتك ساعةَ الأصيل.


لا يخدعْكِ هدوؤه، فبوصلته تضيّع اتّجاهاتِها كلّما دنوتِ منه. عندما جلستِ بجانبه في المجلسِ المكتضِّ بالزائرين لم يلبثْ دقيقةً حتّى قامَ وانصرفَ دون أن يعيركِ التفاتةً. لكن قيامُه لم يكن اختياريّا، كان كفَوران زجاجةِ مشروبٍ غازيّ، فاقترابكِ أصاب كلَّ مؤشّراتِه بالاضطراب. 


إن ما يجري له يفوق حدود تأثيركِ، فلستِ ربَّة الرعودِ والبروقِ والمتحكّمة بالأعاصيرِ والزلازلِ، وإلا لحملتِ طقسكِ معكِ أينما ذهبتِ. فهل سوء طالعكِ هو الذي قادكِ للدخولِ في نطاقِ زلزاله؟


المسرفُ في العزوفِ عن كلِّ شيءٍ يكدّسُ في الناحيةِ الأخرى جوعا مسرفا لشيء؛ مثلُ الشجرةِ وظلِّها؛فاحذري أن يريدكِ من يزهدُ في الأشياءِ بقوّةٍ، لأنه سيريدكِ بقوّةٍ، إلى الحدِّ الذي يجعلكِ تشعرين أنهُ يكرهكِ بقوّةٍ؛ مثلُ اتّجاهِ الظلِّ في المِزْوَلةِ، محالٌ أن يمتدّ بموازاةِ الوتدِ.


هل تعصفُ بكِ الأسئلةُ؟ هل تعجزين عن تفسيرِ قدرتِه على مقاومةِ الانهيارِ نحو قاعكِ؟ هل يحيّركِ كيف يمكن لإنسانٍ يريدُ بكلّ هذا الشغفِ أن يزهدَ بكلّ هذا التطرّفِ دون أن ينشطرَ كقنبلةٍ نوويّةٍ؟


أنتِ لا تدرين أنه لا يراكِ، وأن نظرَهٌ مصوّبٌ دائما نحو ظلّك. هو أقوى من أن يستسلمَ، وأشجعُ من أن ييأسَ، لكنه أذكى من أن يفكّرَ في القبضِ على ظلّكِ، فالظلالُ لم تخلَق لتؤسرَ.