الأربعاء، 20 نوفمبر 2013

التمرّن على الموت (3) .. فخّ الفراش

(كذب من زعم أنّه يحبّني فإذا جنّ عليه الليل نام عنّي)

انتظرته طويلا هذا الحبّ الذي سينتزعني من دفء الفراش ونعومته، ويطير بي على جناح الشوق للقاء ربّي.

لكنّه لم  يكن شوقا ذلك الذي انتظرته.

لا يشبه أن تترك من يدك كتابا أثيرا لأنّ طفلك طلب كوب ماء.

لا يشبه أن تفضّل سهرة مع من تحبّ على النوم في فراشك الوثير .

إنها أفاع تهجم عليك وتلدغك فتهبّ من نومك إذ لا ملاذ لك سوى سجّادة الصلاة.

إنّه يشبه أن تتلقّى بصمت لسع السياط على ظهرك، فإذا جنّ عليك الليل حان الوقت لتطلق صرختك.

ليس حبّا كالذي تخيّلت.. ممزوجا بالبخور والريحان والدموع..

إنّه أشبه بصدمة .. باكتشاف ..

شيء ينهال عليك ويغرقك وأنت تئنّ بصوت مخنوق: كفى! كفى! ما عدت أحتمل ...

لكنّك لا تريد الهروب منه

الثلاثاء، 7 مايو 2013

هل أتاك نبأ الخزّاف؟





{إِنِّي رَأَيْتُ}



وأراني أخبّئها في المسام، أُدثّرها، تعبرها الفصول، تتكوّر، تنهُد، يسيل عليها الضوء، تتألق فتنة.
وأراهم يلتقفون هباتي، يقشرون، يقضمون، يمضغون، يمزمزون عصارتها، يلفظون النوى.
عبق قشرها في أظافرهم، حلاوتها تمتزج برضابهم، شيفرا أسرارها تغفو محصّنة في النوى.
تعبر أفرانهم سابحة في كثافة سائلة، أجسامهم المفطورة على تحرير الخلاصات، تُشرق الحكمة الخبأتها وتشعّ، تغذّي الشعلة التنوس/ تهسّ في فوانيسهم.
تغادرني الرؤيا، وتسلم جسدي نديّا باردا على تخوم السرير، يرتطم الوعي برأسي، أشيّع طيفي المتوّج بالضفّة الأخرى، تتدلّى ستائر عرش ضبابي فوق سريري.

.
.


{اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ}

في صدري رمّانة لم تجتنَ، تفتّق قشرها صبرا، وأشرقت فصوص حكمتها، أحاذر أن يطلّ ياقوتها من بين أزراري، أحكم إقفالها، أخاف أن تنفثئ، ويسيل دمها على بياض قميصي.

.
.


{بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ}


مازلتُ وفيّة للعبتنا القديمة، أفمازلت أنت ؟
كل ليلة أحيك النجوم ملاءة ممتدّة باتّساع السماء.
ملاءتي زخرفتُها بالنمنمات فاستحالت سجّادة فارسية.
سجّادتي أمست خارطة، وخارطتي اكتملت، والسرّ أكبر من بوحي، وفوق احتمالي، تلازمني اللعنة ، حبلى ولا ألد.

.
.


{فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ}


هل أتاك نبأ الخزّاف؛ إذ عجز الصلصال عن احتمال ساديّته؛ فمثّل بجسده ؟
أنا الخزّاف والصلصال، فتهيّأوا لقدوم هباتي.
كيف بكم؛ إذا انتفض الضريح؛ وقامت من ناووسها البتول ؟
ما حالكم إذ تتعلّقون بأستارها؛ فتسفر عن وجهها المجدليّة ؟
كيف بكم حين ترمون أحجاركم نحوها، فترتدّ صوب جباهكم؛ تنشبون مخالبكم في لحمها، فتنزّ جلودكم ؟
هل ستوارونها في الثرى/  تتوسّدون الفناء ؟
أم تصبرون على جثّتها تجوب أزقّتكم، مفقوءة العين، مجذوذة الساق، تعطّر أجواءكم بأريج الجثث ؟
أنا الخزّاف وصلصالي جسدي.

  مزّقوني؛هشّموا جمجمتي ، اشربوا من دمي.
ستمضون وعطري عالق بأظافركم، تتجشّأون رائحتي، تشرق حكمتي بقلب فوانيسكم.
تمضون، تمزمزون عصير فاكهتي، تلفظون نوى أسراري فأنبت في كلّ درب.


نوفمبر / 2007