الاثنين، 19 نوفمبر 2018

هــن أطـهــر


أمدّ نحوه بصري الطريد بلا مأوى، يتوعّدني الغضبُ الأحمر في عينيه، ويوصد دوني سبلَ النجاة.

مُلبّدا بالإثم يأتيني، يحيق بي كلعنة، يخور، يتقيّأ سمّه بفمي، ويحقنني بالصديد.

أمدّ نحوه بصري الغريق، فيوصِدُ في وجهي الرجاء.

مثابرٌ على عيادتي، لا هو يشفَى، ولا ينقل إليّ عدواه. لا يُنجّسني ولا يطهر. لا أفرّ ولا يطْلقني. مقيّدان بطوقٍ مفتول من ثلج وجمر، ولا يتآكل القيد.

أمدّ نحوه بصري، استجدي عطفَهُ ورضاه؛ فيجلدني الوعيدُ الأحمر في عينيه.

أيّها الأعلى الذي أعرفه وينكرني، وأتعذّب فلا يغيثني، أؤمن به ولا يرفد إيماني، الأنا المهزوم في داخلي يصبأ، يُشرع احتياجه لما يملأ السغب القديم -أنّى وافته الإغاثة- تنكّرت للسؤال عن معقوليّة الشراكة، عن فساد الوضع أو صلاحه، تبرّأت من قيمتي، وأسقطت معنى هذا الجاثم فوقي، تناسيتُ أنّه جلاّدي، لقد روّضني الألمُ، وخلّصني من وطأة الشعور بتعقيد الأشياء، أنا الآن وجود يتصالح مع واقعه، ويستسلم للإعصار.

آن لي أن أعي المعنى، وأهتدي للطريق: واجبي أن أوسع إنسانيّتي ركلا، وأكوّمها في القاع، أمتشق الطين، فينهض مشرعا مجسّاته، يوصلها بمجسّات الآخر، هكذا يتولّد التيّار، ويتصاعد حتّى يصهل الطين، يتلظّى ثم يرشح رطوبته.

أمدّ بصري الطريد بلا مأوى، تمهرني عيناه بتأشيرة الدخول إلى نعيم رضاه.

نجحتُ في امتحان الطين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق