الجمعة، 2 أبريل 2021

التفكير بطريقة شاهنشاه

 


الجنّ لا يفرّقون بين الجدّ والهزل، هكذا تقول الحكاية.

فالزوج الذي نادى: "يا إبريق خذها!" لم يكن جادّا، كان يريد أن يخيف زوجته الجبانة التي قطعتْ نومه لأنها تخاف أن تنزل وحدها من السطح في منتصف الليل لتذهب إلى الحمّام. لكنها أبطأتْ كثيرا في الخروج، ولمّا فتح باب الحمّام لم يجدها.
أمّي لم تقبل اعتراضي حين قاطعتُها وقلتُ: لماذا ينفّذ الجنّي إبريق كلام الزوج دون تفكير؟ وتخلّصتْ من سؤالي بإجابتها المعتادة: "القصص لا تُعارض". ثمّ واصلتْ سردَ الأحداث العجيبة، ومغامرات الزوج لاستعادة زوجته من عالم الجنّ.

قبل ذلك لم أكن اعترض على مثل هذه التلفيقات، عندما سافرنا إلى إيران للمرّة الأولى قال لي أخي الذي لا يتوقّف عن إخباري بالأكاذيب والخيالات: "عندما تكونين في إيران فإيّاك أن تقولي كلمة (شاي)، لأن اسم ملكهم (شاينشاي)، وإذا قلتِ اسم ملكهم يذبحونك" ومرّر جانب يده على رقبتي كنصل سكّين. لم أسأله لماذا يذبحوني وأنا لم أشتم ملكهم؟

لكن الجنّ والإيرانيّين ليسوا الوحيدين الذين لا يعنيهم إن كنتَ قاصدا وجادّا أم لا. سحرة علوم الطاقة اليوم يقولون بأن اللاوعي لا يفرّق بين ما تريد الحصول عليه وبين ما ترفضه، فأيّا كان الشيء الذي يتردّد على لسانك وتوجّه تركيزَك إليه سينجذب إلى واقعك. وكبيرهم فاديم زيلاند يقول إن (البندولات) لا تعرف هل أنت من أنصارها أم من أعدائها، فهي ستجرفك في دوّامتها على كلّ حال إن وجدتْك تحوم حولها.  

ستقول لي إن كلّ هذا هراء، أنت تنكر أن هؤلاء ليسوا الوحيدين كذلك. عندما كتبتُ تعليقا هنا في فيسبوك بأن المرأة المتبرّجة كانت على حقّ وأن الحوزويّ أخطأ، لم أقصد بأن التبرّج حقّ وصواب، وكان بإمكانك أن تناقشني هنا على صفحتي، لكنك صدمتَني بنسخ كلامي وطرحه للنقاش في قروبنا على واتساب، هل قلتُ للنقاش؟ أقصد للمحاكمة.
أنت لست ساذجا، ولم يكن تصرّفك عفويّا، استدرجتَني إلى الفخّ وأنت تعرف بأني لن أهرب من المواجهة ولن أوارب، أردتَ أن تنازلني في أرضك وبين مشجّعيك الذين تدرك جيّدا أنهم يفكّرون بطريقة إبريق وشاينشاي، فهم لم يفهموا من الموضوع كلّه إلا كلمة حوزويّ، إذن فقد ذكرتُ آلهتهم بسوء، وطبعا لا حاجة ليتبيّنوا فأنت الثقة.

أسلمتَني إليهم ووقفتَ تتفرّج وهم يرشقوني بالحجارة، جعلتَ منّي هدفا يصوّبون إليه سهام ارتيابهم وقهرهم وخذلانهم، جعلتَ منّي تجسيدا ليزيد الذي قتل الحسين، للطغاة الذين اضطهدوا أسلافهم على مرّ التاريخ، لبناتهم اللاتي لم يحسنوا تربيتهن، لأولادهم الذين خرجوا عن تقاليدهم، سلّمتَ إليهم (الشيطان الصغير) الذي يجب أن يكسروا قرنيه ويقصّوا مخالبه قبل أن يكبر ويتوحّش.