الأحد، 13 مايو 2012

ورق ترشيح .. وإسبارتيم .. وجعدة بنت الأشعث

دائما تساءلت كيف يمكن للكمّل معاشرة  الشياطين؟
السيّدة آسيا كيف احتملت فرعون؟ أنبياء الله نوح ولوط كيف عاشا مع زوجتين "خائنتين"؟
دائما قلت لنفسي: سأتغاضى عن جعدة الملعونة كيف لم تتأثّر بالحسن السبط؟ لكن السؤال الذي طاردني: كيف أمكن لرجل بهذه الكمالات أن يقاسم لحظاته الحميمة مع شيطانة؟
أليس المقاربة الجسدية تحتاج قدرا من القبول؟ المحبّة؟ الصدق؟ والا استحالت ممارسة حيوانية؟

وصلت إلى أجوبة متعدّدة .. تشير في أغلبها إلى أهداف سياسية أو رسالية .. هذا قد يفسّر نفس الإقدام على الزواج، لكنه لا يفسّر حقيقة العلاقة؛ على ماذا كانت مبنيّة؟ ما تفاصيلها؟
خصوصا أننا نتكلّم عن كمّل، لا يظلمون الشريك ولا يحرمونه ولا يخونونه، فمن أين سيأتون بلغة للتفاهم مع شيطان؟

اليوم خطر لي شيء.. قد يصلح كإجابة

الله الرحمن الذي كتب على نفسه الرحمة وقسّم للكائنات أرزاقها؛ لم يحرم من تلك الأرزاق حتّى الأشقياء من أمثال جعدة، الله عندما أوجدها منحها حظا ربّانيا، القدر الربّاني في الكائنات خليق بالحبّ، قد يظلم المخلوق نفسه ويختار الشقاء والحرمان، لكن القدر الربّاني فيه يبقى محفوظا، وإلا فما بكاء الحسين (ع) على أناس يدخلون النار بسببه؟ وما رحمة رسول الله بالكفّار؟ وما اعتذاره عن جهل قومه؟ وما شفاعته للمذنبين من أمّته؟ إلا ملاحظة ذلك الجانب الربّاني في الوجودات المظلمة.

إذن فهل كان الإمام الحسن يمتلك قدرة نادرة على التحليل والفصل ليرشّح الوجود الربّاني في جعدة ويصفيه ويعزل الكدورات جانبا، ثم يتعاطى مع هذا الربّاني المصفّى؟

هذا ينتقل بي إلى فكرة أخرى قريبة.. ليس قريبة جدّا

هل الله سبحانه هذا المهندس العبقري للكون والموجودات، المبدع للجسور والأنفاق، هل انتهج أسلوب الحلول البديلة؟
يعني .. هل لعلمه بأنه لن يكون بوسع الجميع امتلاك موهبة الترشيح -وفصل الكدورات والاستمتاع بالربّاني المصفّى- وضع حلاّ مؤقّتا مصمّما على مقاس الناقصين، إلى أن يصلوا إلى رشدهم وكمالهم؟
هذا الحلّ يقضي برش رذاذ يشبه السكّر ولكنه سكّر مزيّف.. اسبارتيم مثلا.. من أجل تخدير وعينا نحن الناقصين لنسكر قليلا ونغفل عن كدورات الشريك الشيطان حين نقاسمه لحظاتنا الحميمة؟

المشكلة حين يكون أحدنا عالق بين مرحلتين .. بين الغفلة والصحو .. لا هو صاح تماما وقابض على موهبة الترشيح؛ ولا هو في سكرة الغفلة ويعمل معه الاسبارتيم.. حينها سيعجز الجرّاح عن تخديره رغم مضاعفة جرعة التخدير .. سيضطر حينها لإجراء العملية بينما أنت ما تزال في قبضة الصحو .. وتشاهد بكامل وعيك عملية السطو الوحشية على جسدك المسجّى بلا حول ولا قوّة.

هناك تعليقان (2):

  1. ربما لأن الزواج بجعدة لم ينطلق من اساس التوافق الشخصي، بل من اساس المصلحة الاسلامية.
    وهذا ليس بعزيز في الاسلام.
    اما قضية التأثر بشخصية الامام عليه السلام، فينبغي ان تلحظ فيه سائر العوامل الاجتماعية، مثلا القرآن الكريم فيه هدى (للمتقين) وليس لأي كان، وهكذا ابليس عاش في جوار الرحمن وسقط، فالحسد الذي عاشته جعدة من مثيلتها، اقصد زوجة الامام الاخرى، وعقدة النقص، اديا بها الى ما آلت اليه..
    موضوع يسبر اغوار النفس، ويضع تساؤلات مهمة، ويحتاج الى قراءة متانية اكثر.
    شكرا على هذه الملاحظات القيمة

    ردحذف